لا أحد يحب أن يكون مملاً. لا أحد يستمتع بأن يصبح حضوره باهتًا أو تكراره متوقعًا. ومع ذلك، نقع في فخ الملل عندما نبدع طريقة معينة ونتقنها، ثم نكررها دون أي تطوير أو تجديد أو تحسين.
هذا السلوك، وإن بدا فعالًا في البداية، هو تمامًا ما تكتشفه خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي. فالخوارزميات لا تتعامل بلطف مع الروتين، بل تعتبر النشاط الثابت الممل غير مقبول، ما يؤدي غالبًا إلى تراجع وصول المحتوى، بل وأحيانًا إلى تهميش الحسابات.
ومن الطبيعي أن تُبرمج الخوارزميات بهذه الطريقة؛ فبصفتي محلل نظم، أعلم تمامًا أن أحد أهم وظائف الخوارزميات الحديثة هو اكتشاف النمطية الزائدة، لأنها قد تكون دلالة على أن من يقف خلف الحساب ليس إنسانًا حيًا يتفاعل، بل أداة آلية تكرر المحتوى بلا روح.
المفارقة أن المحترفين يقعون في هذا الفخ. يجد أحدهم صيغة ناجحة فيسير عليها، يكررها، ويعتمدها كأسلوب دائم. لكنها تنجح لفترة محدودة فقط، ثم تبدأ اللعبة بالتغير. يتغير ذوق الجمهور، تتبدل القواعد، وتدخل الخوارزميات على الخط لتعيد التوازن لصالح كل ما هو متجدد وحيوي ومتفاعل.
إذاً، لا تكن نسخة ثابتة من نفسك. غيّر. جدّد. تذبذب. لا تخف من التجريب والاختلاف والمفاجأة. لأن هذا هو ما يطلبه المتابعون، وهذا هو ما تكافئه المنصات.